وتعلم الكـٰذبين

وتعلم الكـٰذبين

بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ، ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَىٰٓ
.. كتاب الله تعالى نورٌ تتلاشى بوجوده ظلمات النفوس، وأوهام الضلال، وأكاذيب المنافقين.. ولا يُعرِض عن نور كتاب الله تعالى إلاّ الظالمون المُظلمون الذين عُميت قلوبهم وسُكِّرت أبصارهم..
عابدو أصنام التاريخ يتعامون عن رؤية الحق في كتاب الله تعالى لأنّه يُسقط أصنامهم التاريخيّة، ويبحثون في مستنقعات التاريخ عن أكاذيب لفَّقها أسلافهم لخدمة الاستمرار بعبادة أصنامهم التاريخيّة، ويسوِّقون أكاذيبهم على أنَّها علمٌ لا يأتيه الباطل، ويرفعونها إلى درجة تعطي الروايات التاريخيّة الناتجة عنها، صلاحية نسخ آيات كتاب الله تعالى..

.. في هذا البحث سنقف عند آية واحدة من كتاب الله تعالى، هي قوله تعالى: (عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ) [التوبة: 43]
.. لنرى كيف أنَّ هذه الآية الكريمة وحدها تنسف ما يُسمَّى بعلم الحديث من أساسه، هذا إضافة إلى أنَّ مجمل آيات كتاب الله تعالى تنسف خزعبلاتهم، وقد بيّنت ذلك بالتفصيل في كتاب: محطّات في سبيل الحكمة.. لكن في هذا البحث سنقف عند هذه الآية الكريمة، لنرى كيف أنَّها تبيّن فساد ما يُسمّى بعلم الحديث من أساسه..
.. الآية الكريمة تحمل عتاباً للنبيّ ومن بعده لكلِّ قائد حامل لمنهج الله تعالى، بأن لا يأذن لمن يستأذنه إلاَّ بعد أن: (يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ).. وما نراه في هذه الآية الكريمة، أنَّ الله تعالى لم يبيِّن ماهية الأمر الذي حصل فيه الاستئذان، هل هو في القعود، أم في الخروج، مع أنَّ السياق المحيط بهذه الآية الكريمة يصوِّر مسألة الخروج للجهاد..
.. وفي هذا البحث.. لن نقف عند العبارة القرءانيّة: (عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ)، فما نريد إلقاء الضوء عليه هو الحقيقة العلمية المتعلّقة بمعرفة حقيقة النفوس البشرية، والمحمولة بقوله تعالى: (حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ)..
.. إذاً.. العتاب من الله تعالى لنبيّه ، هو بسبب استجابته للاستئذان الذي طلبوه: (عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ).. وتكملة الآية الكريمة تبيّن أنَّه على النبيّ – قبل إعطاء الإذن لمن يستأذنه – إتّباع آليّة سليمة توصله للنتيجة: (حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ).. فهذه الآلية المطلوبة في معرفة حقيقة الناس وتقييمهم، ونتيجتها، بهدف اتّخاذ قرار بناء على هذا التقييم، تذكّرنا بما يُسمّى بعلم الحديث، وبالذات بما يُسمّى بعلم الجرح والتعديل، كون ما يُسمّى بعلم الجرح والتعديل هو الأساس في تزكية الرجال، لمعرفة الصادق الثقة الذي يُؤخذ منه الحديث..
.. ما يُسمّى بعلم الجرح والتعديل، هدفه فرز الرواة، هذا ثقة، وذاك ليس بثقة، بهدف الوقوف على الثقات الذين يُؤخذ منهم الحديث.. فالنتيجة المطلوبة والتي يسعى إليها ما يُسمَّى بعلم الحديث، هي علم أسماء الثقات، كمقدمة لأخذ الروايات منهم.. بمعنى: ما يُسمَّى بعلم الجرح والتعديل، يهدف إلى علم الصادقين الذين هم أهلٌ لأخذ الروايات منهم..
.. هذه النتيجة التي يهدف إليها ما يُسمَّى بعلم الحديث، تنسفها هذه الآية الكريمة من أساسها، من خلال ما تحمله من تبيان للنتيجة التي يمكن الوصول إليها بإتّباع آلية البحث السليمة في معرفة حقيقة أحوال الناس، بين الصدق والكذب..
.. الكلمة الأولى هي: (حَتَّىٰ)،، (حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ)، وهي حرف جر وغاية، بمعنى: إلى أن.. فهذه الآلية الواجب إتباعها، يتمُّ السعي إليها، إلى أن يتم الوصول إلى النتيجة: (يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ)..
.. ونتيجة أيِّ آليّة علميّة سليمة في محاولة معرفة حقيقة الناس بين وجهي الصدق والكذب، هي فرزهم إلى صنفين، ليبقى هناك صنفٌ ثالث هو بقية الناس بعد استثناء الصنفين المذكورين في هذه الآية الكريمة:
1 – هناك حالات محدَّدة متعلّقة بأفعال محدّدة بعينها، يتبيّن لنا فيها صدق بعض الناس في هذه الحالات فقط، وليس صدقهم كصفة يتَّصفون بها في مجمل حياتهم.. وهذا ما نراه في صياغة العبارة القرءانيّة: (يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ)..
.. كلمة: (يَتَبَيَّنَ)، هي من الجذر: (ب، ي، ن)، وفي دلالات مشتقات هذا الجذر، نرى توسّطاً وفرزاً بين قسمين، فتبيّن الشيء، فُرز وظهر، وبان من شيءٍ آخر..
(وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِ) [البقرة: 187]
(لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّ) [البقرة: 256]
.. وما نراه أنَّ كلمة (يَتَبَيَّنَ) هي بصيغة المبني للمعلوم المتبوعة بكلمة (لَكَ) ، فما يتبيّن ليس لكلِّ الناس، إنما فقط لمتّبع الآليّة السليمة في معرفة أحوال الناس… وفي بعض الحالات المتعلّقة بأحداث معيّنة، يظهر (لمتَّبع الآليّة السليمة في معرفة أحوال الناس) صدق بعض الناس في هذه الحالات، وليس صدقهم في مجمل حياتهم، كصفة يتّصفون بها..
.. وما هو الذي يتبيّن لمتّبع هذه الآليّة في البحث عن مصداقية الناس ؟.. الذي يتبيَّن هو (ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ)… فهذه العبارة (ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ)، مكوَّنة من كلمتين تؤكِّدان أنَّ ما يتبيّن لمتّبع آلية البحث السليمة في أحوال الناس، هو صدق بعضهم كأفراد، ولحالات محدَّدة بعينها تتعلَّق بأحداث محدَّدة بعينها، فورود كلمة (صَدَقُواْ) بالصيغة الفعلية ليس عبثاً.. بمعنى: صدقوا في تفاعلهم مع هذه الأحداث المحدَّدة بعينها..
.. فما هو من الممكن أن يتبيّن لنا، هو صدق الأفراد في قضايا محدَّدة بعينها، وليس صدقهم كصفة يتّصفون بها.. فالله تعالى لم يقل: (حتى تعلم الصادقين) كصيغة مشابهة للعبارة: (وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ).. إنّما يقول جلَّ وعلا: (حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ)..
.. بمعنى: لا تُوجَد آليّة من الممكن إتّباعها للجزم بصدق إنسانٍ ما، كصفة يتَّصف بها في تفاعله مع كلِّ أحداث حياته، أبداً، لأنّنا نتفاعل مع البشر من خلال أحداث محدّدة بعينها، وقد يستطيع الإنسان أن يخفي كذبه عنّا عقوداً من الزمن..
.. وكلامنا هذا لا يعني أنَّه لا يُوجَد من هو صادق، أبداً، ما نعنيه أنّنا نحن البشر لا نستطيع أن نجزم بصدق إنسانٍ ما كصفة يتّصف بها على مدار حياته..
2 – هناك حالات نستطيع بها التيقن من كذب بعض الناس، كصفة يتَّصفون بها، لأنَّ الإنسان الذي استطاع خداعنا عقوداً من الزمن، تنكشف حقيقته ككاذب في أحداث محددة، فنعلم أنّه كاذب.. وهذا ما تنطق به العبارة القرءانيّة: (وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ)……. فكلمة: (وَتَعۡلَمَ) تعني: تقف على حقيقة الأمر، وكلمة: (ٱلۡكَٰذِبِينَ) نراها صيغة اسميّة (اسم فاعل) معرَّفة بأل التعريف.. وبالتالي فالعبارة (وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ) تعني: وتقف على حقيقتهم ككاذبين يتَّصفون بصفة الكذب..
3 – هناك حالات تبقى مجهولة بالنسبة لنا، على الرغم من إتّباعنا لأيِّ آلية بحث سليمة في محاولة لمعرفة أحوال الناس، فلا يتبين لنا صدقهم بأحداث محدَّدة (حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ)، ولا نعلم حقيقتهم ككاذبين (وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ).. وهذه الحالات المجهولة بالنسبة لنا، بالتأكيد فيها الكاذبون والمنافقون، فحتى النبيُّ ذاته لم يكن يعلم الذين مردوا على النفاق من أهل المدينة، وهم الذين كانوا يعيشون معه في مكان جغرافي صغير نسبيّاً..
(وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لَا تَعۡلَمُهُمۡ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡ) [التوبة: 101]
.. إذاً.. آليّات البحث في أحوال الناس وحقيقة أنفسهم لمعرفة صدقهم من كذبهم، لا توصلنا إلى تحديد الصادقين منهم كصفة يتّصفون بها.. أبداً.. ومن الممكن أن توصلنا إلى معرفة بعض الكاذبين منهم كصفة يتّصفون بها.. هذا ما تؤكِّده الآية الكريمة التي نقف عندها: (حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ)، وهذا ما تؤكِّده كلُّ نظريّات علم النفس الناتجة عن مناهج علميّة صادقة..
.. بعد هذا البيان المستنبط من كتاب الله تعالى، لنعد إلى ما يُسمّى بعلم الجرح والتعديل، الذي يُعدّ الأساس الأكبر فيما يُسمّى بعلم الحديث.. ولنسأل السؤال التالي: ما يُسمَّى بعلم الجرح والتعديل، هل هدفه النهائي الخروج بقائمة الكاذبين، أم بقائمة الصادقين ليتم أخذ الحديث من أفواههم ؟.. ولنسأل السؤال التالي: في كتب الحديث، وفي السند، هل يقومون بعرض أسماء الكاذبين، أم بعرض أسماء الذين يعتقدون أنَّهم صادقون ؟.. بمعنى: عندما نقرأ في السند: حدثنا فلان عن فلان عن فلان….. هل فلان وفلان وفلان، تمّ أخذ الأقوال من أفواههم على أنَّهم كاذبون، أم على أنَّهم صادقون ؟..
.. إذاً.. ما يسمّى بعلم الجرح والتعديل، هدفه النهائي هو الخروج بقائمة الصادقين الثقات الذين يُؤخذ الحديث من أفواههم.. وهانحن نرى فساد هذا المبدأ من أساسه، فلا تُوجَد آلية نستطيع – نحن البشر – من خلالها الوصول إلى قائمة الصادقين كصفة يتّصفون بها، بحيث نطمئن إلى كلِّ ما يقولون..
.. وقد أكَّد كتاب الله تعالى هذه الحقيقة في الكثير من آياته الكريمة، فأمرنا ألاّ نزكي أنفسنا، ووصف تزكية الأنفس بالكذب والإثم المبين..
(أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلَا يُظۡلَمُونَ فَتِيلًا ٤٩ ٱنظُرۡ كَيۡفَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِٓ إِثۡمًا مُّبِينًا) [النساء: 49 – 50]
(إِنَّ رَبَّكَ وَٰسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ هُوَ أَعۡلَمُ بِكُمۡ إِذۡ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَإِذۡ أَنتُمۡ أَجِنَّةٞ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ) [النجم: 32]
.. من هنا نرى فساد مبدأ ما يسمّى بعلم الحديث من أساسه، فلو أنَّهم اتّبعوا آلية لمعرفة الكاذبين (وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ)، لكان من الممكن أن يصلوا إلى قائمة بأسماء بعض الكاذبين، ولكن، هذه القائمة لا تفيدهم في شيء، لأنَّ المطلوب بالنسبة لما يسمّونه بعلم الحديث هو قائمة بأسماء الثقات الصادقين كصفة يتَّصفون بها، من أجل أن يُؤخذ الحديث من أفواههم، وذلك – حسب أوهام ما يُسمّى بعلم الحديث – على أنَّهم يتّصفون بالصدق، وبالتالي لا يعرفون الكذب..
.. ونرى – تاريخيّاً – هذه الحقيقة (فساد مبدأ ما يسمّى بعلم الجرح والتعديل) باختلافهم هم ذاتهم في تحديد أسماء الصادقين الذين يتمّ أخذ الحديث من أفواههم.. فعلى سبيل المثال – لا الحصر – ونقلاً عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ النيسابوري في كتابه: (المدخل إلى معرفة المستدرك)، وذلك من كتاب صحيح مسلم بشرح الإمام النووي، ورد أنَّ عدد الذين خرّج لهم البخاري في الجامع الصحيح ولم يخرّج لهم مسلم (434) شيخاً، وعدد من احتجَّ بهم مسلم في المسند الصحيح ولم يحتج بهم البخاري في الجامع الصحيح (625) شيخاً.. وهكذا يكون مجموع الذين اختلف في الأخذ عنهم البخاري ومسلم هو (1059) شيخاً..
.. وهذا الأمر طبيعي.. فالمبدأ فاسد من أساسه، وفوق فساد هذا المبدأ من أساسه غرقوا في مستنقع الأهواء والعصبيات والرؤى المتناقضة.. فعلى سبيل المثال – لا الحصر – نرى أنَّ أبا هريرة الذي يطبّل له المطبّلون ويزمجر له المزمّرون، كان يُعدُّ كذّاباً عند بعض الصحابة ذاتهم..

مسلم (3915):
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ خَرَجَ إِلَيْنَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ فَقَالَ أَلَا إِنَّكُمْ تَحَدَّثُونَ أَنِّي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَهْتَدُوا وَأَضِلَّ أَلَا وَإِنِّي أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِ فِي الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا و حَدَّثَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ وَأَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْمَعْنَى
.. ألم يشك الصحابة ذاتهم ببعضهم، فيما كانوا ينسبونه إلى النبيِّ ؟..
أحمد (19047):
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَبُو هَارُونَ الْغَنَوِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَيْ مُطَرِّفُ وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرَى أَنِّي لَوْ شِئْتُ حَدَّثْتُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لا أُعِيدُ حَدِيثاً ثُمَّ لَقَدْ زَادَنِي بُطْئاً عَنْ ذَلِكَ وَكَرَاهِيَةً لَهُ أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدْتُ كَمَا شَهِدُوا وَسَمِعْتُ كَمَا سَمِعُوا يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ مَا هِيَ كَمَا يَقُولُونَ وَلَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُمْ لا يَأْلُونَ عَنْ الْخَيْرِ فَأَخَافُ أَنْ يُشَبَّهَ لِي كَمَا شُبِّهَ لَهُمْ فَكَانَ أَحْيَانًا يَقُولُ لَوْ حَدَّثْتُكُمْ أَنِّي سَمِعْتُ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ صَدَقْتُ وَأَحْيَاناً يَعْزِمُ فَيَقُولُ سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي هَانِئٌ الْأَعْوَرُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ هُوَ ابْنُ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ زَادَ فِيهِ رَجُلاً
.. ألم يُخدَع النبيُّ ذاته ببعض أصحابه، حيث خرج من الدنيا وهو يعتبرهم من أمَّته ومن الثقات الصادقين، ويُفاجأ في الآخرة أنَّ حقيقتهم عكس ذلك ؟..
البخاري (6098):
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِي فَيُحَلَّئُونَ عَنْهُ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ الْقَهْقَرَى وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُجْلَوْنَ وَقَالَ عُقَيْلٌ فَيُحَلَّئُونَ وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
البخاري (6090):
و حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلَيُرْفَعَنَّ مَعِي رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
البخاري (6104):
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِي فَأَقُولُ يَا رَبِّ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي فَيُقَالُ هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ فَكَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنَا أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ تَرْجِعُونَ عَلَى الْعَقِبِ
مسلم (4246):
و حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ فَوَاللَّهِ لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِي رِجَالٌ فَلَأَقُولَنَّ أَيْ رَبِّ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ
مسلم (4245):
قَالَ وَقَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ وَسَيُؤْخَذُ أُنَاسٌ دُونِي فَأَقُولُ يَا رَبِّ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي فَيُقَالُ أَمَا شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا بَعْدَكَ يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ قَالَ فَكَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ أَنْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنَا
.. آيات كتاب الله تعالى بمجملها تؤكِّد فساد مبدأ ما يُسمّى بعلم الحديث من أساسه، وقد بيّنت ذلك بالتفصيل في كتاب: محطّات في سبيل الحكمة.. ولكن.. في سياق هذا البحث، وقفنا عند آية واحدة فقط، هي قوله تعالى..
(عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ) [التوبة: 43]

مشاركه فى